أسواق العملات بعد قرارات الفائدة

 العديد من البيانات الهامة صدرت هذا اليوم، منها بيانات الإنتاج الصناعي البريطاني و أشارت البيانات إلى أن الإنتاج الصناعي انكمش بمقدار 0.8% بأكثر من التوقعات، لكن من ألمانيا، أظهرت البيانات نمواً أكبر من المتوقع في الإنتاج الصناعي، حيث سجّل الإنتاج الصناعي نمواً مقداره 1.2%. بيانات سويسرا أظهرت ارتفاعاً في مستوى التضخم، حيث أشار مؤشر سعر المستهلك إلى ارتفاع في الأسعار مقداره 0.6%، و رغم أن هذه القيمة ما دون التوقعات، إلا أنها أيضاً أشارت إلى بعض الارتفاع في التضخم.

لكن، ليست هذه البيانات هي التي أهمّت المتداولين، بل أن قرارات البنوك المركزية هي التي جذبت الانتباه، حيث أن البنك البريطاني قرر أن يترك سعر الفائدة عند نفس مستوى 0.50% و كذلك ترك مبلغ برنامج شراء الأصول عند مستوى 200 مليار جنيه إسترليني، بينما قام البنك المركزي الأوروبي برفع سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، وهذا وسط اتجاه البنك الأوروبي للحد من مخاطر التضخم حتى مع مخاطر أزمة الديون الأوروبية.

لكن، ما زالت الأسواق المالية مضطربة جداً حتى الآن، فنحن في انتظار تصريح السيد تريشيت محافظ البنك المركزي الأوروبي، و كذلك نحن في انتظار بيانات الوظائف الأمريكية بحسب مؤشر ADP و الذي يعتمد عليه العديد من المستثمرين كمؤشر سابق لبيانات يوم غد الجمعة الأكثر أهمية، و هي بيانات الوظائف المستحدثة في القطاعات الغير زراعية و بيانات معدّل البطالة.

تداول سعر صرف اليورو هذا اليوم في ميل واضح للهبوط، فرغم أن رفع الفائدة كان متوقعاً في البنك المركزي الأوروبي، إلا أن بعض الشكوك اعترت هذه التوقعات، خصوصاً بعد أن شهدت البرتغال تخفيضاً قاسياً في التصنيف الائتماني، و كذلك تعمق قلق المتداولين تجاه أزمة الديون و ما سوف تكون نتائجها على اليونان و البرتغال رغم حصول اليونان على خطّة إنقاذ جديدة، إلا أن القلق ما زال واضحاً بين المستثمرين حول احتمال أن تكون اليونان أجّلت الوقوع في الإفلاس لا أكثر، أو أن تكون وقعت فعلاً في ما يسمّى بالإفلاس الاختياري.

انخفض سعر صرف اليورو مقابل الدولار الأمريكي هذا اليوم بعد ملامسته للأعلى عند مستوى 1.4347 دولار لليورو الواحد و لامس الأدنى له عند سعر 1.4263 دولار لليورو الواحد، و الضغوط السلبية الواضحة على اليورو استمرت معظم الجلسة الأوروبية هذا اليوم، حتى مع أن مؤشرات الأسهم الأوروبية شهدت أداء لا بأس به. تلاشت الشكوك حول عدم رفع الفائدة، لكن لم يكن ذلك كافياً لإيقاف الهبوط الحاد الذي يشهده اليورو،  و الآن قد يكون مصير اليورو على عاتق تريشيت في تصريحه. لكن بحسب التحليل الفني، فمستوى 1.4285 سوف يشكّل فاصلاً هاماً على الزوج و لم نرى استقراراً جيداً فوقه حتى بعد قرار الفائدة.

لليوم الثالث على التوالي، انخفض سعر صرف الجنيه الإسترليني، و هذا اليوم بتأثير من البيانات السلبية التي تبعها إصرار البنك البريطاني على اتخاذ سياسات التسهيل الائتماني في سبيل دعم الاقتصاد الذي يشهد مرحلة صعبة جداً تهدده في تباطؤ حاد بل و ربما انكماش في العديد من القطاعات. هذا اليوم، انخفض سعر صرف الجنيه الإسترليني بعد ملامسته للأعلى عند سعر 1.6017دولار للجنيه الإسترليني الواحد و لامس إثر الموجة الهابطة اليوم الأدنى له عند مستوى 1.5942 دولار للجنيه الإسترليني الواحد.

إن ثبات الجنيه الإسترليني تحت مستوى 1.6045 يبقي على الضغوط السلبية على الزوج، و قد يكون ذلك سبباً لدفع سعر صرف الجنيه نحو مستوى 1.5880 كهدف مقترح للاتجاه الهابط، لكن مستوى 1.5960 يعتبر المستوى الوسطي الحالي للزوج و الذي قد يكون ملاذ الجنيه الإسترليني الوحيد من احتمال اختبار مستوى الدعم الأبعد المشار له.

انخفاض سعر صرف الفرنك السويسري اليوم كان معاكساً لبيانات التضخم التي أظهرت ارتفاع في الأسعار، لكن، يبدو بأن الأسواق المالية جذبت المتداولين إلى حد ما مما سبب ابتعاداً عن الفرنك السويسري في محاولات للحصول على استثمارات أخرى. ارتفع سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الفرنك السويسري بعد ملامسته للأدنى عند 0.8377 ليحقق الأعلى عند مستوى 0.8446 فرنك للدولار الأمريكي الواحد. نلاحظ بأن الدولار الأمريكي ارتفع سعر صرفه مقابل سلّة العملات الأجنبية، هذا يظهر بحسب مؤشر الدولار الأمريكي الذي يحقق اتجاهاً صاعداً منذ القاع الذي حققه يوم الاثنين الماضي، و الارتفاع في سعر صرف الدولار كان أيضاً عاملاً مساعداً في انخفاض سعر صرف الفرنك مقابله.

التداولات المملّة نفسها على زوج الدولار الأمريكي مقابل الين الياباني، حيث ارتفع الدولار الأمريكي مقابل الين الياباني هذا اليوم، لكن ارتفاع هذا اليوم كان تعويضاً لخسائر أمس، حيث ارتفع سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الين الياباني من الأدنى عند 80.77 ين للدولار الأمريكي الواحد، و لامس الأعلى عند مستوى 81.04 ين للدولار الأمريكي، و هذه الحركة الضعيفة للزوج ما زالت تقع ضمن النطاق الجانبي الذي بدأ مع الأسبوع الأول من الشهر الماضي.

فنياً، فالتداولات تقع بين مستوى الدعم 80.75 و مستوى المقاومة 81.50، و يجب على الزوج أن يخرج من هذا النطاق حتى تتضح معالم اتجاه عليه، و إلا بقيت التداولات ضمن النطاق الجانبي نفسه.

عزيزي القارئ، نحن الآن في انتظار البيانات الأمريكية و التي سوف يرافق صدورها تصريح السيد تريشيت في تمام الساعة 15:30 بتوقيت غرينتش، و هذا التصريح قد يكون ذو أهمية أكبر من قرار الفائدة نفسه، و بيانات الولايات المتحدة الأمريكية قد تضيف مزيداً من التذبذب في الأسواق المالية. فالحذر واجب، و التأمل في حركات العملات أمر ضروري قبل اتخاذ أي قرار، خصوصاً و نحن ننتظر بيانات الوظائف الأمريكية الشهيرة يوم غد.