الجنيه الإسترليني ينهار لأدنى مستوياته على الإطلاق ..هل يتدخل المركزي البريطاني؟

استمرارا لعمليات البيع الهائلة يوم الجمعة، عاني الجنيه الإسترليني من انهيارات كبيرة خلال جلسة يوم الاثنين، مسجلا أدنى مستوياته على الإطلاق أمام الدولار الأمريكي، بعدما أعلنت الحكومة البريطانية الجديدة الأسبوع الماضي أنها ستنفذ تخفيضات ضريبية وحوافز استثمارية لتعزيز النمو.

حيث زادت الرهانات على أن حكومة المملكة المتحدة لن تكون قادرة على تمويل عبء ديونها ،فى الوقت الذي يرفض فيه بنك بريطانيا المركزي رفع أسعار الفائدة إلى الحد الذي يطلبه السوق.

وفى غضان تلك التطورات المذهلة فى سعر صرف الجنيه الإسترليني يتوقع العديد من الخبراء أن يتدخل بنك بريطانيا قريبا جدا ،مع احتمالات عقد اجتماع طارئ هذا الأسبوع لرفع أسعار الفائدة بوتيرة كبيرة ودعم العملة.

سعر صرف الجنيه الإسترليني

انخفض الجنيه مقابل الدولار اليوم الاثنين بأكثر من 4.6% إلى 1.0348$ الأدنى على الإطلاق ، من سعر إغلاق تعاملات يوم الجمعة عند 1.0853$،وسجل أعلى مستوى لتعاملات اليوم عند 1.0845$.

فقد الجنيه الإسترليني يوم الجمعة نسبة 3.6% مقابل الدولار ، فى رابع خسارة يومية على التوالي ،وبأكبر خسارة يومية منذ آذار/مارس 2020 ،بسبب تسارع عمليات البيع المفتوحة ،بعد الإعلان عن خطة تحفيز مالي جديدة لحكومة ليز تروس فى المملكة المتحدة.

أسباب الانهيار

هناك سببين وراء الانهيار الحالي فى سعر صرف الجنيه الإسترليني فى سوق صرف العملات الأجنبية ،السبب الرئيسي الأكثر تأثيرا المتعلق بخطة التحفيز المالي لحكومة ليز تروس ،والتي أعلنها وزير المالية البريطاني كواسي كوارتنج يوم الجمعة.

والسبب الثاني الأقل تأثيرا المتعلق بالبنك المركزي البريطاني، والذي ارتكب خطأ فادحا الأسبوع الماضي على حسب العديد من الاقتصاديين باختياره زيادة سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس فقط ، بعدما رفع الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس قبلها بساعات.

خطة ليز تروس

أعلن وزير المالية البريطاني كواسي كوارتنج يوم الجمعة عن تفاصل خطة التحفيز المالي الجديدة لحكومة ليز تروس ،والتي تضمن تخفيضات ضريبية كبيرة وحوافز استثمارية لتعزيز النمو.

قال كواسي كوارتنج إن الميزانية الجديدة المصغرة تتضمن أكبر حزمة تخفيضات ضريبية جذرية في المملكة المتحدة منذ 1972، إذ تم تخفيض الرسوم على أجور الموظفين والشركات في محاولة لتعزيز إمكانات الاقتصاد طويلة الأجل.

كما أعلن كواسي كوارتنج عن دعم الأسر والشركات فى مواجهة فواتير الطاقة المتصاعدة بنحو 60 مليار جنيه إسترليني على مدي الأشهر الستة المقبلة ، وقال أمام مجلس العمومة إن الحكومة تعهدت بإعطاء الأولوية للنمو الاقتصادي..لقد وعدنا بنهج جديد لعصر جديد فى البلاد.

وقالت وكالة "بلومبيرغ" الأمريكية إن الخطة الجديدة لحكومة ليز تروس تهدف عبر مجموعة من الإجراءات إلى منع الركود وزيادة الإنتاجية.

تبيع الأسواق الجنيه الإسترليني لأنها تراهن على أن حكومة المملكة المتحدة لن تكون قادرة على تمويل عبء ديونها في الوقت الذي يرفض فيه بنك إنجلترا رفع أسعار الفائدة إلى الحد الذي يطلبه السوق.

عمليات بيع هائلة

بعد إعلان الميزانية مباشرة ،تفاعلت أسواق المال العالمية سريعا، حيث شهدت عملة وسندات المملكة المتحدة عمليات بيع هائلة ،وسط تزايد الرهانات على أن الحكومة البريطانية الجديدة لن تكون قادرة على تمويل عبء ديون اقتراض المبالغ المطلوبة لتحقيق أهدافها.

ومع ارتفاع تكاليف الديون فى المملكة المتحدة ،يواصل عائد سندات الخزانة البريطانية لأجل عشر سنوات الصعود على نطاق واسع جدا يوم الاثنين ، موسعا مكاسبه لخامس جلسة على التوالي ، مسجلا أعلى مستوى فى 12 عاما عند 4.215%.

قال كبير الاقتصاديين أكسفورد إيكونوميكس " أندرو جودوين " كان رد فعل السوق سلبيا عبر مجموعة من الأصول ،مما يعكس مخاوف بشان الافتقار إلى إستراتيجية موثوقة طويلة الأجل للحكومة البريطانية.

البنك المركزي البريطاني

رفع البنك المركزي البريطاني يوم الخميس الماضي سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس إلى نطاق 2.25% ،فى خطأ فادح على حسب رأي معظم الاقتصاديين ، بعدما رفع الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس قبلها بساعات فقط.

قال كبير الاقتصاديين فى شركة أوريل "مارتن مالون" إن الكثير من اللوم فى تراجع سعر صرف الجنيه الإسترليني يقع على أبواب البنك المركزي البريطاني.

وقال مالون فى مقابلة مع تليفزيون بلومبيرغ يوم الاثنين إن بنك بريطانيا المركزي ليس فى اللعبة على الإطلاق ،وإنه لا يزال بعيدا عن بنك الاحتياطي الفيدرالي ،وفى الواقع من قبل معظم البنوك المركزية الأخرى.

وأشار مارتن مالون على البنك الانتظار حتى تشرين الثاني/نوفمبر القادم لرفع أسعار الفائدة ،وأكد إن الزيادة بين الاجتماعات ستأتي من موقف ضعف.

ومن جانبه قال كبير مسؤولي الاستثمار فى فانتاج بوينت أسيت مانجمنت " نيكولاس فيريس " إنه تحد كبير لبنك بريطانيا المركزي أن يكافح التضخم بينما تحاول الحكومة تحفيز الاقتصاد.

وأوضح نيكولاس إن بنك بريطانيا المركزي قد يعقد اجتماعا طارئا بشأن السياسة النقدية هذا الأسبوع ويرفع أسعار الفائدة ،وهذا لن يفاجئني إذا حدث ذلك.

قالت صحيفة "تليجراف" البريطانية، يوم السبت، إنه بعد الانخفاض الكبير فى سعر صرف الجنيه الإسترليني ،يدعو البعض فى الأسواق إلى تدخل بنك بريطانيا المركزي واتخاذ إجراءات طارئة لوقف انهيار العملة.