2025-10-31 18:49PM UTC
برزت ملامح صناعة الهيدروجين العالمية هذا الشهر خلال أسبوع الهيدروجين الأوروبي في بروكسل، خصوصًا من منظور الدول المستوردة.
وقد ساد شعور بالإحباط بسبب ما وصفه العديد من المشاركين بأنه إطار تنظيمي مفرط التعقيد يؤدي إلى تأخيرات في تنفيذ المشاريع، إلى جانب إحساس بالحتمية نظرًا لوجود تفويضات أوروبية ملزمة ومشاريع أنابيب نقل قيد التنفيذ، إذ تستعد أوروبا لتكون أكبر مركز طلب في العالم على الهيدروجين منخفض الكربون.
ورغم تزايد إلغاء المشاريع، بدت عزيمة واضحة لدى الصناعة للمضي قدمًا.
وقال يورغو تشاتزيماركيس، الرئيس التنفيذي لمجموعة Hydrogen Europe الصناعية التي تتخذ من بروكسل مقرًا لها: "السياح غادروا"، في إشارة إلى انسحاب المشاريع الضعيفة من السوق، مؤكدًا الحاجة إلى قدر أكبر من الواقعية في السياسات، مثل فرض حد أدنى إلزامي من عقود الشراء المسبق للصناعات الكبرى.
وأوضح أن قطاع الهيدروجين يقف عند مفترق طرق، داعيًا إلى تخفيف القيود التنظيمية لتمكين سوق الهيدروجين النظيف من التبلور.
مشاريع وتقدّم
شهد المؤتمر استعراضًا لعدد من المشاريع الكبرى، أبرزها اتفاقية الشراء طويلة الأجل بين شركة الطاقة الألمانية RWE AG وشركة النفط الفرنسية TotalEnergies، والتي تقضي بنقل 30 ألف طن متري سنويًا من الهيدروجين الأخضر، يُنتج في منشأة التحليل الكهربائي بقدرة 300 ميغاواط في مدينة لينغن، إلى مصفاة توتال في ساكسونيا أنهالت عبر أنبوب يمتد 600 كيلومتر، ابتداءً من عام 2030.
كما تم استعراض تقدم مشروع ميناء روتردام، حيث تبني شل (Shell) محطة تحليل كهربائي بقدرة 200 ميغاواط لإنتاج نحو 22 ألف طن من الهيدروجين الأخضر سنويًا، سيتم نقله عبر خط أنابيب جديد بطول 30 كيلومترًا إلى مجمع شل للطاقة والكيماويات في روتردام.
من جانبها، عرضت إيفانا ييميلكوفا، الرئيسة التنفيذية لـ Hydrogen Council — وهو تحالف صناعي يضم رؤساء شركات كبرى — نتائج تقرير Global Hydrogen Compass الذي أعدته المنظمة بالشراكة مع McKinsey & Company.
وبحسب التقرير، تجاوزت الاستثمارات الملتزم بها في الهيدروجين منخفض الكربون 110 مليارات دولار، أي بزيادة عشرة أضعاف خلال السنوات الخمس الماضية، مع نحو 500 مشروع وصل إلى مرحلة القرار الاستثماري النهائي أو دخل مرحلة الإنشاء أو التشغيل.
ويتوقع أن تدعم هذه المشاريع طاقة إنتاجية تتراوح بين 9 و14 مليون طن سنويًا من الهيدروجين النظيف بحلول عام 2030.
وتتصدر الصين القائمة باستثمارات قدرها 33 مليار دولار، تليها أميركا الشمالية بـ23 مليار دولار، ثم أوروبا بـ19 مليار دولار.
وقالت ييميلكوفا إن الصناعة "تخوض عملية بناء حقيقية"، مشيرة إلى أن 97% من الرؤساء التنفيذيين يعتبرون الهيدروجين عنصرًا رئيسيًا لخفض الانبعاثات في القطاعات الصناعية الصعبة التحول.
اللوائح وردود الفعل
قدّم ممثلون رفيعو المستوى من عُمان والهند عروضًا لبرامج بلدانهم الطموحة في مجال إنتاج الهيدروجين الأخضر، مؤكدين أن مشاريعهم تعتمد على الاستثمار المحلي وتنمية الأسواق الداخلية بهدف بناء صناعات تصديرية مستقبلية.
لكنهم أكدوا بصراحة أن الامتثال للوائح الأوروبية الحالية مستحيل، مطالبين بـ وضوح تنظيمي أكبر من بروكسل.
وتتمحور المشكلة الأساسية حول مصدر الكهرباء المستخدمة في عملية التحليل الكهربائي لإنتاج الهيدروجين النظيف.
فقد أصدرت المفوضية الأوروبية قواعد صارمة للغاية — بحسب رأي القطاع الصناعي — لتحديد ما يعتبر "وقودًا متجددًا من أصل غير بيولوجي" (RFNBO) ضمن توجيهات الطاقة المتجددة المعدلة (RED III).
وتنص الأهداف الأوروبية على أن 42% من الهيدروجين المستخدم في الصناعة بحلول 2030 يجب أن يكون من نوع RFNBO، لترتفع النسبة إلى 60% بحلول 2035.
وتتعلق القواعد بثلاثة مفاهيم أساسية:
وتنطبق هذه القواعد على الهيدروجين المنتج داخل أوروبا أو في الخارج والمُصدَّر إليها، وهو ما تعتبره الشركات غير عملي لأنه يرفع التكلفة الصناعية بشكل مصطنع.
وتطالب الشركات بتأجيل تطبيق معايير الإضافية والتزامن الزمني حتى تتمكن من تطوير نماذج عمل قابلة للاستمرار.
أما على مستوى الدول الأعضاء، فالوضع أكثر تعقيدًا، إذ تتولى الحكومات الوطنية تطبيق توجيهات RED III عبر حوافزها وبناها التحتية وأطرها التنظيمية الخاصة، وتشرف على شهادات اعتماد الهيدروجين الأخضر المرفوعة إلى بروكسل — وهي عملية بطيئة للغاية أثارت إحباط الشركات.
وقال فيرنر بونيكوار، الرئيس التنفيذي لشركة thyssenkrupp nucera، المتخصصة في معدات التحليل الكهربائي: “الصناعة بحاجة إلى وضوح لتتمكن من التخطيط. ما نحتاجه من بروكسل هو بيئة تنظيمية واضحة تتيح العمل لا تعرقله.”
بناء العمود الفقري
قدمت توجيهات RED III الأوروبية حصصًا إلزامية للهيدروجين المتجدد، إذ يتعين على الدول الأعضاء إدماج النسبة المستهدفة البالغة 42% في الخطط الوطنية للطاقة والمناخ.
كما تشمل اللوائح حصصًا لقطاعي النقل والطيران لخلق طلب على الهيدروجين ومشتقاته والوقود الصناعي التركيبي القائم عليه.
في قطاع النقل، يُطلب من الدول خفض كثافة الانبعاثات في الوقود أو ضمان أن 29% من إجمالي استهلاك الطاقة في القطاع يأتي من مصادر متجددة، مع أهداف فرعية للهيدروجين والوقود الحيوي والوقود الصناعي.
أما في قطاع الطيران، فهناك حد أدنى إلزامي للوقود المستدام يصل إلى 34% بحلول 2040، منها حصص مخصصة للوقود الصناعي المشتق من الهيدروجين.
وفي حين لا تُفرض التزامات مباشرة على القطاع البحري، فإنه يخضع لنظام تداول الانبعاثات الأوروبي (ETS).
وتدفع هذه الالتزامات إلى تسريع تطوير البنية التحتية المتوسطة (midstream)، إذ حدد الاتحاد الأوروبي خمسة ممرات رئيسية لإمداد الهيدروجين عبر أنابيب جديدة أو إعادة استخدام خطوط الغاز الحالية، لتكوين سوق سلعية متكاملة للهيدروجين في أوروبا، تتوسطها ألمانيا.
ويُعد الأنبوب البالغ طوله 600 كيلومتر بين RWE وتوتال إنرجيز جزءًا من ممر بحر الشمال الجاري إنشاؤه، والذي سيكون من الروابط الأولى في شبكة الهيدروجين الألمانية الجديدة، على أن يتصل لاحقًا بالشبكة الهولندية الممتدة من روتردام.
عندما تصطف النجوم
قدّم مارتن تنغلر، رئيس أبحاث الهيدروجين في بلومبرغ نيو إنرجي فاينانس (BNEF)، تحليلاً حول كيفية توسع السوق.
واستنادًا إلى قاعدة بيانات المشاريع التي تمتلك عقود شراء ملزمة، تتوقع بلومبرغ أن يصل العرض العالمي من الهيدروجين إلى 5.5 ملايين طن بحلول 2030، أي 20% فقط من الأهداف الوطنية المعلنة.
وحدّد تنغلر أربعة "نجوم" سياسية يجب أن تتكامل لدفع السوق إلى الأمام:
وأشار تنغلر إلى أن اتفاق RWE–TotalEnergies يمثل حالة مثالية لتكامل هذه العناصر الأربعة، إذ حصلت RWE على دعم حكومي ألماني بقيمة 690 مليون يورو، فيما تواجه توتال التزامات RED III وأسعار كربون مرتفعة في ألمانيا، ما جعلها تدفع سعرًا أعلى بكثير من تكلفة إنتاج الهيدروجين الرمادي.
كما ساهم تمويل الحكومة الألمانية لبناء البنية التحتية للأنابيب في تمكين الاتفاق.
المرونة كمحرّك للطلب
دار جزء كبير من النقاش حول دور الهيدروجين في تعزيز المرونة الاقتصادية، لا سيما في ظل تزايد الطلب على الطاقة من مراكز البيانات وتصاعد الاضطرابات الجيوسياسية.
وأُبرز الهيدروجين منخفض الكربون المنتج والمخزَّن داخل أوروبا كوقود استراتيجي للأمن الطاقي الأوروبي، ما دفع بعض الحكومات إلى التمسك بالحصص الإلزامية وتحمل تكاليف البنية التحتية لدعم هذا الوقود الناشئ.
وقد يصبح مفهوم “المرونة” محفزًا جديدًا للطلب، يضاف إلى منظومة الإعانات والتفويضات والحصص القائمة، مما قد يدفع أوروبا خطوة أقرب إلى تحقيق هدفها الكبير بتحويل الهيدروجين منخفض الكربون إلى سلعة متداولة تنافسية مدعومة بخفض المخاطر التنظيمية والتمويلية.
2025-10-31 16:42PM UTC
ارتفع سهم أمازون (NASDAQ:AMZN) خلال تداولات اليوم الجمعة ليصل السهم إلى أعلى مستوياته على الإطلاق ، وذلك عقب إعلان شركة التجارة الإلكترونية عن تحقيق نتائج أعمال فصلية قوية.
وفي الربع الثالث من 2025، أظهرت نتائج أمازون نمواً قوياً على مختلف الأصعدة، إذ ارتفعت المبيعات في أميركا الشمالية بنسبة 11% على أساس سنوي إلى 106.3 مليارات دولار، بينما زادت المبيعات الدولية بنسبة 14% لتصل إلى 40.9 مليار دولار. وداخل هذه القطاعات، قفزت إيرادات الإعلانات بنسبة 24% إلى 17.7 مليار دولار، لتصبح جزءاً متنامياً من إيرادات المجموعة.
لكن القطاع الأبرز كان خدمات الحوسبة السحابية (AWS)، حيث قفزت الإيرادات بنسبة 20% إلى 33 مليار دولار — وهي أعلى وتيرة نمو منذ عام 2022 — متجاوزةً تقديرات المحللين التي كانت تدور حول 18%.
وقال الرئيس التنفيذي آندي جاسي إن الشركة ما زالت تشهد “طلبًا قويًا في مجالات الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية الأساسية”، مضيفًا أن أمازون رفعت تقديراتها للإنفاق الرأسمالي لعام 2025 إلى 125 مليار دولار، مقابل تقدير سابق عند 118 مليار دولار، مع احتمال زيادته في عام 2026.
ورغم أن أي ركود اقتصادي محتمل قد يمثل تحديًا لقطاع التجارة الإلكترونية، في حين تبقى المنافسة من “غوغل كلاود” و“مايكروسوفت أزور” قائمة في مجال الحوسبة السحابية، إلا أن المحللين يرون أن الربع الثالث كان “مميزًا للغاية لشركة عالمية الطراز”.
فمع تنوع محركات النمو بين التجارة الإلكترونية، والخدمات السحابية، والذكاء الاصطناعي، والإعلانات، ومشروع الإنترنت عبر الأقمار الصناعية، تمتلك أمازون عدداً هائلاً من فرص التوسع المستقبلية.
وعلى صعيد التداولات، قفز سهم أمازون دوت كوم في تمام الساعة 16:40 بتوقيت جرينتش بنسبة 10.5% إلى 246.1 دولار.
2025-10-31 16:37PM UTC
ارتفعت المؤشرات الرئيسية في وول ستريت يوم الجمعة، لتتجه إلى إنهاء شهر أكتوبر على ارتفاعات قوية، بعد أن خفّفت توقعات أمازون الإيجابية من مخاوف المستثمرين بشأن الإنفاق المفرط على الذكاء الاصطناعي.
وقفزت أسهم أمازون (AMZN.O) بنسبة 11% إلى مستوى قياسي جديد، بعدما توقعت الشركة مبيعات فصلية تفوق تقديرات المحللين، مدعومةً بأسرع وتيرة نمو لإيرادات خدمات الحوسبة السحابية AWS منذ نحو ثلاث سنوات.
أما آبل (AAPL.O)، فقد توقعت أن تتجاوز مبيعات هواتف آيفون خلال موسم العطلات توقعات وول ستريت، رغم تحذير الرئيس التنفيذي تيم كوك من قيود في الإمدادات، لتتراجع أسهم الشركة بنحو 0.3%.
وصعدت إنفيديا (NVDA.O) بنسبة 1.6% بعد أن عبّر الرئيس التنفيذي جنسن هوانغ عن أمله في أن تتمكن الشركة من بيع رقائق “بلاكويل” المتطورة في الصين، وذلك بعد أيام من تجاوزها قيمة سوقية قدرها 5 تريليونات دولار — لتصبح أول شركة مدرجة في التاريخ تبلغ هذا المستوى.
وكانت موجة الحماس تجاه الذكاء الاصطناعي قد دفعت المؤشرات الأمريكية إلى مستويات قياسية في وقت سابق من الأسبوع، قبل أن تؤدي المخاوف من زيادة الإنفاق لدى مايكروسوفت وميتا، إلى جانب الشكوك بشأن وتيرة خفض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي، إلى تراجع مؤقت في المعنويات.
لكن رغم ذلك، يتجه مؤشر S&P 500 إلى الإغلاق مرتفعًا بنسبة 2.6% في أكتوبر، ليحقق سلسلة مكاسب شهرية هي الأطول منذ أغسطس 2021. كما يسجّل مؤشر ناسداك ارتفاعه السابع على التوالي، ومؤشر داو جونز سادس مكسب شهري متتالٍ — وهي أطول موجة صعود لهما منذ يناير 2018.
وبحلول الساعة 10:50 صباحًا بتوقيت نيويورك، ارتفع مؤشر داو جونز الصناعي بمقدار 111 نقطة (+0.23%) إلى 47,633.13 نقطة، وصعد S&P 500 بنحو 43.27 نقطة (+0.63%) إلى 6,865.61 نقطة، بينما تقدم مؤشر ناسداك المركب 282.67 نقطة (+1.20%) إلى 23,863.81 نقطة.
وفي حين أن التوقعات بخفض أسرع للفائدة الأمريكية دعمت الأسهم في مطلع الشهر، فإن الأسواق ما زالت تتأقلم مع تحول في لهجة السياسة النقدية، بعدما خفّض الفيدرالي أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية كما كان متوقعًا، لكنه أشار إلى أن خفضًا إضافيًا في ديسمبر “ليس مضمونًا”.
وتراجعت احتمالات خفض جديد للفائدة في ديسمبر إلى 62.8%، مقارنةً بـ 91% قبل أسبوع واحد فقط، وفقًا لبيانات الأسواق الآجلة.
وقال دينيس ديك، كبير المحللين في شبكة Stock Trader Network: "نشهد مؤخرًا ما يشبه موجة ارتفاع شاملة لكل شيء، لأننا دخلنا منطقة يصبح فيها لتغيّر أسعار الفائدة أثر كبير، والفائدة الآن في اتجاه هبوطي."
وأضاف أن الأسواق تتوقع أن يكون اجتماع الفيدرالي القادم أكثر ميلاً للتيسير من تصريحات جيروم باول الأخيرة.
وبحسب بيانات LSEG، فإن 83.1% من شركات S&P 500 التي أعلنت نتائج الربع الثالث حتى الآن تجاوزت توقعات المحللين — وهي نسبة تفوق المتوسط التاريخي البالغ نحو 67%.
وفي تحركات فردية أخرى:
وبشكل عام، تفوقت الأسهم الصاعدة على الهابطة بنسبة 1.45 إلى 1 في بورصة نيويورك، وبنسبة 1.59 إلى 1 في ناسداك.
وسجل S&P 500 15 قمة سنوية جديدة مقابل 33 قاعًا جديدًا، بينما حقق ناسداك 50 قمة و113 قاعًا خلال الجلسة.
2025-10-31 15:05PM UTC
سجّل سعر النحاس في بورصة لندن للمعادن (LME) مستوى قياسياً جديداً بلغ 11,200 دولار للطن المتري يوم الأربعاء، في قفزة تاريخية غذّتها عوامل اقتصادية كلية وجزئية متداخلة، إضافة إلى عودة قوية للصناديق الاستثمارية إلى السوق بعد فترة من الحذر.
تشير بيانات السوق إلى أن مراكز الشراء المفتوحة للصناديق الاستثمارية على عقود النحاس في بورصة لندن ارتفعت إلى أعلى مستوياتها منذ مارس الماضي، أي قبل اندلاع ما سمّاه الرئيس الأميركي دونالد ترامب "يوم التحرير" حين أطلق موجة من الرسوم الجمركية التي هزّت الأسواق العالمية.
وكانت مخاوف اندلاع حرب تجارية شاملة بين الولايات المتحدة والصين – أكبر مستهلك للنحاس في العالم – قد كبحت الأسعار بشدة في وقت سابق من العام، لكن الهدنة الجزئية الأخيرة بين ترامب والرئيس الصيني شي جين بينغ رفعت بعض الضغوط عن المعدن الأحمر، ما أعاد إليه الزخم الاستثماري.
في المقابل، تزداد تحديات العرض يوماً بعد يوم، إذ يشير تقرير صادر عن المجموعة الدولية لدراسة النحاس (ICSG) إلى أن سلسلة من الكوارث التي ضربت مناجم النحاس هذا العام قد تؤدي إلى عجز في المعروض من المعدن المكرر بحلول عام 2026. ومع انخفاض المخزونات العالمية، بات من السهل فهم سبب عودة ما يُعرف في الأسواق بـ"الدكتور نحاس" إلى دائرة اهتمام المستثمرين.
عودة الأموال الذكية
بعد اضطرابات مارس الماضي، تجنّبت الصناديق الاستثمارية التعامل مع النحاس لفترة طويلة، خصوصاً مع تزايد التهديدات بفرض رسوم أميركية على النحاس المكرر، وهو ما أدى إلى تراجع مراكز المستثمرين على عقود النحاس الأميركية (CME) إلى أدنى مستوياتها في عقد من الزمن بحلول أغسطس.
لكن مع بداية تعافي الأسعار في أغسطس وصدور تخفيضات إنتاج من كبرى المناجم العالمية، قفزت مراكز الشراء الطويلة على عقود النحاس في بورصة لندن من 55,325 عقداً إلى 87,152 عقداً، فيما تراجعت المراكز البيعية، مما يعادل تحوّلاً في المراكز يعادل أكثر من مليون طن متري باتجاه الشراء.
وفي الولايات المتحدة، ارتفع حجم الاهتمام المفتوح في بورصة CME إلى أعلى مستوى في أربعة أشهر، رغم أن تقرير التزامات المتداولين الأسبوعي (COT) لا يزال معلقاً بسبب إغلاق الحكومة الأميركية، مما يجعل تتبّع تحركات الصناديق أكثر صعوبة.
خلل في المخزونات
تراجعت المراكز البيعية للمستثمرين على النحاس في بورصة لندن إلى النصف تقريباً منذ أبريل، مدفوعة بالارتفاع الحاد في الأسعار الذي أجبر صناديق الزخم على تغطية مراكزها القصيرة.
كما أن المخزونات المنخفضة في مخازن بورصة لندن تُثني المستثمرين عن البيع المكشوف، بعد أن قفزت الفروقات بين السعر النقدي وسعر العقود الآجلة لثلاثة أشهر إلى 224 دولاراً للطن في وقت سابق من الشهر.
ورغم أن السوق عاد إلى حالة الـ"كونتانغو" (أي أن السعر الآجل أعلى من الفوري)، إلا أن الفارق الحالي البالغ 25 دولاراً يبقى أدنى بكثير من مستويات 90 دولاراً المسجلة في أغسطس.
ويعزى هذا إلى أن تجارة الرسوم الجمركية بين الولايات المتحدة والصين ما زالت عالقة. فعلى الرغم من تأجيل واشنطن فرض أي رسوم على النحاس المكرر حتى يوليو المقبل، إلا أن سعر النحاس الفوري في بورصة CME ما زال أعلى بنحو 300 دولار للطن من سعر بورصة لندن، مما يُبقي نافذة الاستيراد الأميركية مفتوحة ويؤدي إلى سحب متواصل للمعدن من الأسواق الدولية.
وبحسب ريتشارد هولتوم، الرئيس التنفيذي لشركة ترافيغورا، فإن وتيرة الشحنات إلى الموانئ الأميركية ربما تباطأت، لكنها لا تزال تضغط على مخزونات LME التي تراجعت إلى 135,350 طن فقط، بعد أن كانت 159,000 طن في يوليو. أما المخزونات غير المسجلة (off-warrant) فلا تتجاوز 30,477 طن.
وفي الصين، انخفضت صادرات النحاس المكرر بشكل حاد من 118,400 طن في يوليو إلى 26,400 طن في سبتمبر، معظمها متجه إلى تايلاند وفيتنام — وكلاهما لا يستضيف مخازن معتمدة من LME.
تقلّبات قادمة
لا يزال فارق السعر بين النحاس الأميركي والدولي يعكس أثر الرسوم الجمركية المستمر، وهو ما قد يرتدّ سلباً على الصناديق التي عادت بقوة إلى السوق، إذ يمكن لأي تحوّل في المشهد التجاري بين واشنطن وبكين أن يبدّد موجة التفاؤل الحالية.
فرغم ما وصفه ترامب بأنه "لقاء مذهل" مع نظيره الصيني، لا تزال الأسواق غير متأكدة مما إذا كانت الهدنة تمثل وقفاً تكتيكياً مؤقتاً أم تحولاً استراتيجياً حقيقياً.
وانخفض سعر النحاس مجدداً دون مستوى 11,000 دولار للطن صباح الخميس، مع تراجع حذر من المستثمرين الذين يعيدون تقييم المخاطر الجيوسياسية والتجارية.
ورغم أن العوامل الأساسية (العرض والطلب) تبقى داعمة بقوة، إلا أن الصورة الكلية لا تزال ضبابية، ما يجعل اضطرابات الأسعار التي شهدها العام الجاري بعيدة عن نهايتها.