أكبر إفلاس بنك فى الولايات المتحدة منذ عام 2008 ..لماذا انهار "سيليكون فالي بنك" ؟

هزة عنيفة أصبت القطاع المصرفي الأمريكي أدت إلى اضطرابات كبيرة فى أسواق المال الكبري،ومخاوف كبيرة حيال تأثيرها على أكبر اقتصاد فى العالم و تكرار سيناريو الأزمة المالية العالمية 2008.

حيث أغلقت السلطات الأمريكية بنك "سيليكون فالي بنك " فى أكبر انهيار لبنك فى الولايات المتحدة منذ الأزمة المالية العالمية فى عام 2008 ،والتي اندلعت شرارتها حينها مع إفلاس بنك "ليمان براذرز".

بدأت الهزة العنيفة مع إغلاق بنك سيلفرغيت الصديق للعملات المشفرة ،ثم الإعلان عن إفلاس سيليكون فالي بنك ،ثم إعلان المنظمون فى ولاية نيويورك أمس الأحد عن إغلاق بنك سيغنتشر، على ما يبدو فى الطريق أيضا مصرف فرست ريبابليك بنك.

وتحاول الحكومة الأمريكية التغلب سريعا على تداعيات تلك الأزمة للحد من القلق المثار حول سلامة النظام المالي في البلاد، وتعهدت بتوفير الحماية الكاملة لأموال جميع المودعين ، مع تسهيل حصول أي بنوك تتعرض لضغوط نقدية على قروض قصيرة الأجل.

وأعلنت وزارة الخزانة والاحتياطي الفيدرالي والمؤسسة الفيدرالية للتأمين على الودائع بشكل مشترك عن الجهود التي تهدف إلى تعزيز الثقة بالنظام المصرفي فى الولايات المتحدة.

ما هو سيليكون فالي بنك؟

تأسس بنك سيليكون فالي بنك عام 1983 ،وتخصص فى الأعمال المصرفية للشركات الناشئة ،خاصة تلك المتخصصة فى مجال التقنية ،وقدم خدمات مصرفية لما يقرب من نصف جميع شركات التكنولوجيا في الولايات المتحدة.

يعتبر بنك سيليكون فالي صغيرا مقارنة بأكبر البنوك في الولايات المتحدة ، حيث تبلغ أصوله 209 مليار دولار أمريكي ليحتل المرتبة السادسة عشر وسط البنوك الأمريكية، في المقابل تبلغ أصول بنك جي بي مورجان أكبر البنوك الأمريكية 3.2 تريليون دولار.

لماذا انهار سيليكون فالي بنك ؟

السبب الرئيسي والمباشر وراء انهيار مصرف سيليكون فالي بنك هو ارتفاع أسعار الفائدة فى الولايات المتحدة ،حيث لجاء مجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى التشديد النقدي ورفع تكاليف الاقتراض حتى يستطيع ترويض التضخم التاريخي فى البلاد.

وأسعار الفائدة الأمريكية المرتفعة ،والتي وصلت إلى نطاق 4.75% كأعلى مستوى منذ أيلول/سبتمبر من عام 2007 ،أدت إلى خسائر فادحة فى أسهم شركات التكنولوجيا التي كان البنك يستفيد منها.

كما أدت أسعار الفائدة المرتفعة إلى تآكل قيمة السندات الطويلة الأجل التي حصل عليها بنك وادي السيليكون والبنوك الأخرى خلال حقبة أسعار الفائدة الشديدة الانخفاض والشبه صفرية ، وكانت محفظة سندات البنك التي تبلغ قيمتها 21 مليار دولار أمريكي تحقق عائدات بمتوسط 1.79%.

وفي الوقت نفسه، بدأ رأس المال الاستثماري في النضوب، مما أجبر الشركات الناشئة على سحب الأموال المودعة في البنك،ومن أجل تلبية تلك الطلبات ،اضطر بنك سيليكون فالي إلى بيع بعض استثماراته المالية فى وقت الذي انخفضت فيه قيمتها خاصة بعد طرح الفيدرالي الأمريكي سندات بعائد أعلى.

وأشار بعض الخبراء المصرفيين فى وول ستريت يوم الجمعة إلى أن بنكا كبيرا مثل بنك سيليكون فالي كان من الممكن أن يدير مخاطر أسعار الفائدة لديه بشكل أفضل مما حدث.

تفاقم أزمة سيليكون فالي بنك

أعلن بنك سيليكون فالي يوم الأربعاء أنه قد باع مجموعة من الأوراق المالية بخسارة بنحو 1.8 مليار دولار ،وأنه سيبيع أيضا 2.25 مليار دولار من الأسهم الجديدة لدعم ميزانيته العمومية، الأمر الذي أثار حالة من الذعر بين شركات رأس المال الاستثماري الرئيسية، والتي ورد أنها نصحت شركات التقنية الناشئة بسحب أموالها من البنك.

أدي هذا الإعلان عن هبوط سهم البنك بنسبة 60% خلال جلسة يوم الخميس ، كما انخفض بنسبة 60% أخرى فى تعاملات ما قبل افتتاح جلسة الجمعة ،قبل أن تعلن السلطات عن وقف التداول على السهم.

وأعلن البنك يوم الجمعة عن التخلي عن الجهود المبذولة لزيادة رأس المال بسرعة أو العثور على مشتري ،فتدخل المنظمون في ولاية كاليفورنيا، فأغلقوا البنك ووضعوه في الحراسة القضائية تحت مؤسسة التأمين على الودائع الفيدرالية.

هل تنتقل العدوى إلى البنوك الأخرى

ويثير تعسر مصرف سيليكون فالي بنك مخاوف المراقبين من تأثيره على باقي القطاع المصرفي الأمريكي، فعادة ما يتهافت المودعون لسحب مدخراتهم من مختلف بنوك القطاع المصرفي، في حالات إعسار أحد البنوك.

انخفض أسهم بنك سيغنتشر فى نيويورك ،وبنك ريبابليك بنك ومقره سان فرانسيسكو يوم الجمعة بأكثر من 20% ، لكن أسهم بعض أكبر البنوك في البلاد مثل جي بي مورجان وويلز فارجو وسيتي جروب ارتفعت يوم الجمعة بعد هبوط يوم الخميس.

وقال المحللون فى وول ستريت إنه من غير المرجح أن يؤدي انهيار سيليكون فالي بنك إلى إحداث نوع من تأثير الدومينو الذي سيطر على الصناعة المصرفية خلال الأزمة المالية فى عام 2008.

وفي موعد لا يتجاوز صباح اليوم الاثنين، سيتمكن جميع المودعين المؤمن عليهم من الوصول الكامل إلى ودائعهم المؤمنة، وذلك وفقا لمؤسسة التأمين الفيدرالية ، وسيدفع للمودعين غير المؤمن عليهم عائدا مقدما خلال الأسبوع المقبل.

وقال كبير محللي الأسواق فى شركة اواندا "إدوارد مويا"أنه غير المرجح أن تنتقل العدوى إلى المصارف الأخرى، لكن البنوك الصغرى المرتبطة على نحو غير متناسب بالصناعات التي تعاني من ضائقة مالية، مثل التكنولوجيا والعملات المشفرة قد تكون في وضع صعب.

الحكومة الأمريكية تتدخل سريعا

تسابقت السلطات الحكومية أمس الأحد ،للحد من القلق والمخاوف المثارة حول سلامة النظام المصرفي فى البلاد وتعهدت بتوفير الحماية الكاملة لأموال جميع المودعين في أعقاب انهيار سيلكون فالي بنك، مع تسهيل حصول أي بنوك تتعرض لضغوط نقدية على قروض قصيرة الأجل.

وأعلنت وزارة الخزانة والاحتياطي الفيدرالي والمؤسسة الفيدرالية للتأمين على الودائع بشكل مشترك عن الجهود التي تهدف إلى تعزيز الثقة بالنظام المصرفي فى البلاد.

وقال مجلس الاحتياطي الفيدرالي ،إنه يقوم بإنشاء برنامج تمويل جديد للبنك يهدف إلى حماية المؤسسات المتضررة من عدم استقرار السوق بسبب انهيار سيليكون فالي بنك.

يتضمن البرنامج تقديم قروضا تصل إلى عام واحد للبنوك وجمعيات الادخار والاتحادات الائتمانية والمؤسسات الأخرى ،بشرط تقديم تلك الجهات ضمانات عالية الجودة مثل أذون الخزانة وديون الوكالة و الأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري.

وأضاف الاحتياطي الفيدرالي ،سيعزز هذا الإجراء قدرة النظام المصرفي على حماية الودائع وضمان التوفير المستمر للمال والائتمان للاقتصاد ،كما أن البنك المركزي مستعد لمواجهة أي ضغوط سيولة قد تنشأ بشكل طارئ.

كما ستقدم وزارة الخزانة ما يصل إلى 25 مليار دولار من صندوق استقرار الصرف كدعم لأي خسائر محتملة من برنامج التمويل ،وقال مسؤول كبير في الاحتياطي الفيدرالي إن برنامج الخزانة لن يكون هناك حاجة إليه على الأرجح وسيظل موجودا فقط كإجراء وقائي.