المعادن الثمينة تتعرّض لأول موجة جني أرباح

شهدنا هذا اليوم موجة من جني الأرباح سيطرت على الأسواق المالية في العالم، و هذه الموجة تبعت تداولات سلبية و عمليات جني أرباح في الأسواق الأمريكية و الأوروبية حصلت يوم أمس. في الحقيقة، نرى بأن المتداولين ما زالوا يعانون من ضعف الثقة، فالمحادثات الأمريكية تجاه رفع سقف الدين العام لا تظهر نتائج حتى الآن، فيما هذا اليوم قد نكون في انتظار التصويت تجاه الخطة و التي تشمل تخفيض العجز بواقع 917 مليار دولار خلال العشر سنوات القادمة، فيما نحن في انتظار نتيجة التصويت لرفع سقف الدين العام.

البيانات الأمريكية يوم أمس كانت مقلقة فعلاً، و تظهر الضعف الكبير في الاقتصاد. أشارت بيانات البضائع المعمّرة إلى انكماش حاد غير متوقع في مبيعاتها، و قدّر الانكماش بـ 2.1% خلال شهر حزيران الماضي. إن ضعف الاقتصاد الأمريكي يضع عائقاً كبيراً أمام صانعي القرار في الولايات المتحدة تجاه تخفيض العجز، كذلك قد يكون سبباً الضغط سلباً على موافقة العديد من الأعضاء على خطّة رفع سقف الدين العام.

انخفضت مؤشرات الأسهم الأمريكية أمس، و شهدنا مؤشر داوجونز الأمريكي ينخفض بمقدار 1.59%، و في أوروبا انخفض مؤشر داكس الألماني بمقدار 1.32% فيما مؤشر فوتسي البريطاني انخفض 1.23%. تداولات آسيا هذا اليوم كانت سلبية بشكل عام، فشهدنا في تمام الساعة 3:02 في طوكيو انخفاض مؤشر MSCI لمؤشرات أسهم آسيا و المحيط الهادي انخفاضاً مقداره 1.1% مشيراً إلى عموم في الاتجاه الهابط و عماليات جني الأرباح، و كلها إثر انخفاض كبير في الثقة في الأسواق المالية.

لكن في المقابل، لم تتغيّر أي من الظروف الاقتصادية، فالقلق تجاه أزمة الديون الأمريكية و أزمة الديون السيادية في أوروبا باق كما هو، فيما القلق على التباطؤ الاقتصادي في العالم مستمر. لكن، مع موجة التشاؤم التي حصلت، ارتفع سعر صرف الدولار الأمريكي بشكل كبير مقابل العديد من العملات الأجنبية، و هذا ما أثّر سلباً على أسعار السلع في العالم كذلك انعكس على أسعار المعادن الثمينة لتشهد أول مرحلة جني أرباح واضح منذ أن بدأت في الارتفاع ليصل الذهب إلى الأسعار القياسية التي تحققت أمس عند 1628.60 في جلسة نيويورك ( 1628.70 في التداولات الإلكترونية )، لكن شهدنا انخفاضاً واضحاً بعد هذا.

أغلق سعر الذهب تداولات نيويورك يوم أمس عند مستوى 1614.10 دولار للأونصة الواحدة، فاقداً بذلك 0.36% من سعر افتتاح الجلسة. بالنسبة لسعر الفضة، فقد انخفض خلال جلسة أمس 1.64% و أغلق جلسة نيويورك عند مستوى 40.24 رغم أن سعر الفضة استطاع ملامسة الأعلى عند 41.45 دولار للأونصة و هو أعلى مستوى لسعر الفضة منذ الرابع من شهر أيار الماضي. انخفض كذلك سعر البلاتين، و قد تأثر في بيانات البضائع المعمّرة الأمريكية، و أغلق عند مستوى 1792.00 بانخفاض مقداره 0.55%.

لعب ارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي و انخفاض أسعار العديد من السلع يوم أمس في دفع أسعار المعادن الثمينة للانخفاض، فقد اتجه المضاربون لجني أرباح في أسواق المعادن الثمينة خصوصاً بعد أن أصبحت الموجة الصاعدة للذهب أقل قوّة، فكما نعلم، تكاليف المضاربة في الذهب مرتفعة، و هذا ما يسبب خسائر للمضاربين في حال لم نرى اندفاعات صاعدة قوية، و مع موجة جني الأرباح التي بدأت، شهدنا جني الأرباح يسيطر على الذهب و سائر المعادن الثمينة أمس.

هذا اليوم، نرى تداولات متقلّبة في أسواق المعادن الثمينة، فالذهب منخفض قليلاً عن إغلاق نيويورك، و نرى سعر الذهب اليوم يتداول عند 1613.60 دولار للأونصة بانخفاض مقداره 0.03%، فيما نرى بأن سعر البلاتين و قد انخفض بمقدار 0.50% ليتداول في هذه اللحظات عند مستوى 1783.00 دولار للأونصة. البلاتين متأثر جداً في انخفاض أداء النمو في الاقتصاد الدولي، و البلاتين أكثر المعادن الثمينة ارتباطاً في النمو الاقتصادي. بالنسبة لسعر الفضة، فقد ارتفع اليوم و يتداول عند مستوى 40.29 دولار للأونصة، لكن الارتفاع محدود جداً مقارنة في انخفاض يوم أمس و لا يتعدّى 0.12% كإشارة إلى بعض المضاربات التي ما زالت حذرة جداً.

الدولار الأمريكي ما زال متمركزاً حول مستويات مرتفعة نسبياً مقارنة في بداية جلسة أوروبا يوم أمس، فحتى مع تداولات الدولار الأمريكي الضعيفة مقابل سلّة العملات الأجنبية، إلا أنه قريب الآن من أعلى مستويات تم تحقيقها يوم أمس بحسب مؤشر الدولار الأمريكي. يتداول الدولار الأمريكي حالياً بحسب مؤشر الدولار حول مستوى 74.08 مقارنة في الأدنى الذي تحقق أمس عند 73.41 نقطة.

من الملاحظ بأن عمليات جني الأرباح التي حصلت يوم أمس لم تكن قادرة على دفع سعر الذهب للتداول ما دون مستويات 1600.00 دولار أمريكي، و هذا طبيعي! فطلب الملاذ الآمن مستمر، و طلب تغطية مخاطر التضخم مستمر، فيما هنالك جهات تستخدم الذهب للحد من مخاطر الديون و السندات الحكومية. لكن، المضاربة هي التي كان لها الدور الأكبر في انخفاض سعر الذهب يوم أمس و تداولاته الضعيفة اليوم.

يجب أن نركّز على أي قرارات تصدر من الولايات المتحدة، و أي نتائج للتصويت، فموعد القرار النهائي في الثاني من الشهر القادم قريب جداً، و سوف يكون يوم الاثنين الماضي و يريد المتداولون أن يكون القرار قبل ذلك الموعد النهائي. الثقة في الأسواق قد تلعب دوراً هاماً، لكن لا يجب أن نستبعد تذبذباً حاداً و أداء مختلط بين المعادن الثمينة بشكل عام.

EcPulse