تراجع فرص تتدخل اليابان في الين مع اقتراب رفع الاحتياطي الفيدرالي للفائدة

من غير المرجح أن تقدم اليابان على التدخل المباشر في أسواق العملات الأجنبية لدعم الين وبالأخص على أعتاب رفع الفائدة على الأموال الفيدرالية المرتقب من قبل اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوح والتي ستجتمع اليوم الثلاثاء وغداً الأربعاء في واشنطون.

هذا ونوه كبير الاقتصاديين في مجموعة سوني المالية ماساكي كانو إلى أنه "لا توجد فرصة تقريباً للتدخل قبل قرار الاحتياطي الفيدرالي" ، موضحاً أن هناك فرصة ضعيفة لتأثير اليابان على اتجاه العملة عندما يلوح في الأفق زيادة بنحو 50 أو 75 نقطة أساس في سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية ومع المزيد في المستقبل.

كما أعرب كانو عن كون "التدخل غير الناجح من شأنه أن يترك وزارة المالية دون أدوات أخرى، من الأفضل لهم الاحتفاظ بها كخيار أخير"، ويأتي ذلك وسط المضاربات التي تدور حول أن اليابان قد تفكر في التدخل في الأسواق لدعم عملتها بعد أن اخترق الين حاجز 130 أمام الدولار الأسبوع الماضي.

ويذكر أن هذا التراجع الحاد للين أمام الدولار جاء بعد دفاع بنك اليابان المكثف عن هدف العائد على السندات، مع العلم، أن المسئولون اليابانيين كثفوا مؤخراً تحذيراتهم من المزيد من التحركات الحادة في العملة بعد التراجع، حتى أن لغتهم الأقوى تشير لكون لاعبي السوق لا يزالون في حالة تأهب قصوى للتدخل حتى الآن.

ونود الإشارة، لكون سبب الانخفاض في العملة اليابانية هو الاختلاف الحاد في السياسة النقدية بين بنك اليابان والمصارف المركزية الأخرى التي تتسابق لرفع أسعار الفائدة لكبح جماح التضخم، الأمر الذي أدى لتراجع الين أكثر من 11% مقابل الدولار حتى الآن هذا العام ليعكس أسوأ أداء عملة من ضمن عملات مجموعة العشرة.

وفي الوقت الراهن، يبدو أن رئيس الوزراء فوميو كيشيدا ومحافظ بنك اليابان هاروهيكو كورودا يتبعان تقسيم العمل بشأن السياسة، حيث عرضت الحكومة اليابانية الأسبوع الماضي إجراءات إغاثة بقيمة 48$ مليار للمستهلكين والشركات التي تكافح مع ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء التي تضخمها ضعف الين.

وفي المقابل، تمسك البنك المركزي الياباني بدعمه للاقتصاد من خلال أسعار فائدة منخفضة للغاية، ويذكر أنه من بين الاقتصاديين الذين تم استطلاع آرائهم من قبل وكالة بلومبيرج الإخبارية قبل اجتماع بنك اليابان الأسبوع الماضي، أعرب 81% إن التدخل في العملة من غير المرجح أن يحدث.

في حين نوه 40% من الاقتصاديين الذين شملهم استطلاع بلومبيرج أن الين عند 130 ين مقابل الدولار لا يزال إيجابي بالنسبة للاقتصاد الياباني بشكل عام، بينما تطرق نحو 24% من الاقتصاديين الذين شملهم الاستطلاع أن وهن الين لم يكن إيجابي لثاني أكبر اقتصاديات آسيا وثالث أكبر اقتصاد في العالم.

ومع تنامي الفارق بين السياسة النقدية لبنك الاحتياطي الفيدرالي وبنك اليابان لأكثر من أي وقتاً مضى، أعرب الاقتصاديين إن التدخل قد يوفر ببساطة للمضاربين فرصة لشراء الدولار مرة أخرى بعد الانخفاضات الأولية الناجمة عن شراء الين الياباني.

وبالأخص أن ذلك على عكس التدخل في بيع الين، والذي يتيح لليابان الاستمرار في إصدار الديون لتوفير الأموال إذا لزم الأمر، ما يجعل الجهود المبذولة لدعم العملة عن طريق الشراء مقيدة بحيازات اليابان من العملات الأجنبية غير فعالة لكونه يحد من مدى قدرة الحكومة على إلحاق الضرر بالمضاربين على المدى الطويل.

ومع تداول يومي يفوق حاجز 6.6$ تريليون في سوق العملات الأجنبية والذي يعد أكبر سوق مالي في العالم، فأن السوق أكبر من تكافح اليابان بمفردها دون فرص في النجاح، وتبقي عقبة الحصول على المساعدة من الخارج مرتفعة للغاية أيضًا عندما تساهم السياسة النقدية لليابان في تحركات السوق.

ويذكر أن التقرير النصف السنوي عن التلاعب بالعملات لوزارة الخزانة الأمريكية نص على أن تحركات السوق غير المنظمة يجب أن تكون استثنائية لتبرير المساعدة، مستشهداً بالأزمة المالية الآسيوية والتقلبات التي أعقبت تقديم اليورو والتحركات بعد تسونامي في اليابان باعتبارها الأمثلة الثلاثة الوحيدة منذ عام 1996.

وأعرب الخبير الاقتصادي في ستاندرد آند بورز جلوبل ماركتس إنتلجنتس هارومي تاجوتشي أنه "من غير المرجح للغاية أن تحصل اليابان على أي دعم للتدخل من الخارج"، ويذكر أن وزير المالية الياباني شونيتشي سوزوكي التقى الشهر الماضي بنظيرته وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين. 

وصرح سوزوكي حينما ألتقى مع يلين إنهم ناقشوا العملات كجزء من المحادثات المتعلقة باقتصاديات كلا البلدان، وتلى ذلك نفى سوزوكي تقرير إعلامي ياباني عن مناقشة التدخل المشترك، إلا أنه لا يزال من المرجح أن تستمر التكهنات حول التدخل على حالها.

إذا استمرت العملة في التراجع، فقد تتسع تصدعات بين البنك المركزي الياباني والحكومة اليابانية، وبالأخص أن الشركات والأسر اليابانية أصبحت تتحدث بشكل متزايد عن الآثار السلبية لضعف العملة، مع ارتفاع تكاليف المدخلات والطاقة.

وسيرغب كيشيدا في البقاء إلى جانب الناخبين قبل الانتخابات الوطنية المقرر عقدها في الأشهر المقبلة، ومع عدم فرص حدوث أي تغير في السياسة النقدية قبل اجتماع بنك اليابان القادم في حزيران/يونيو، قد يضطر رئيس الوزراء إلى إيجاد المزيد من تدابير الإغاثة إذا استمر الين في التراجع.

وصرح الاقتصادي من شركة ميزوهو للأوراق المالية شونسوكي كوباياشي أنه "مع الانتخابات في الصيف، من الممكن أن تتدخل الحكومة لتظهر أنها تفعل شيئًا ما"، مضيفاً "لن يكون للتدخل من جانب واحد إلا تأثير محدود، وقد ينتهي به الأمر إلى أن يكون أقل بكثير في أداء مع انصباب التركيز على الانتخابات".