تضخم، و أزمة الديون، أسباب تدعم سعر الذهب

يزداد قلق المتداولين تجاه أزمة الديون السيادية في أوروبا، و هذا ما انعكس على مؤشرات الأسهم الأوروبية يوم أمس التي أغلقت منخفضة. أغلق مؤشر داكس الألماني تداولات يوم أمس على انخفاض مقداره 0.11%، كذلك انخفض مؤشر كاك الفرنسي على انخفاض 0.44%. بالنسبة لتداولات مؤشرات الأسهم الآسيوية اليوم، فقد كانت مختلطة نوعاً ما، حيث شهدنا ارتفاع العديد من المؤشرات، لكن المؤشرات الرئيسية مثل مؤشر شنغهاي و مؤشر نيكاي الياباني، انخفضا بمقدار 0.39% و 0.11% على التوالي.

انخفاض مؤشرات الأسهم الأوروبية أمس، و الضغوط السلبية التي واجهتها العديد من مؤشرات الأسهم الآسيوية، هي بسبب مخاوف المتداولين من التضخم و ارتفاعه في العديد من الدول أهمها الصين و الاتحاد الأوروبي، كذلك نرى بأن أزمة الديون الأوروبية تشكّل مشكلة كبيرة في الثقة. حيث أن رفع الصين للفائدة قد يضعف الاقتصاد، و الاقتصاد الصيني يعتبر الاقتصاد الثاني في العالم، كذلك نرى بأن تطورات أزمة الديون في اليونان و البرتغال، تسبب هلعاً واضحاً بين المتداولين.

خلال جلسة نيويورك يوم أمس، ارتفع سعر الذهب بمقدار 0.86% و أغلق الجلسة عند مستوى 1529.40 دولار للأونصة، فيما ارتفع سعر الفضة كذلك مستفيداً من تدفق السيولة إلى أسواق المعادن، و اتجاه المضاربين في أسواق المعادن الثمينة للفضة، و أغلق إثر هذا سعر الفضة على ارتفاع مقداره 1.18% عند مستوى 35.90 دولار للأونصة الواحدة. بالنسبة للبلاتين، فقد انخفض خلال جلسة أمس، فالقلق على النمو في الاقتصاد الدولي ينعكس على توقعات الطلب المستقبلي، و البلاتين يعتبر أكثر المعادن الثمينة ارتباطاً في الصناعة و هذا ما أضر في البلاتين أمس و انخفض بمقدار 0.69% و أغلق عند مستوى 1727.00 دولار للأونصة الواحدة.

لم يختلف كثيراً أداء المعادن الثمينة اليوم عن أداء يوم أمس، فارتفاع كل من الذهب و الفضة استمر، فيما البلاتين عوّض جزءاً من خسائره، لكن ارتفاع البلاتين كان الأقل. نرى سعر الذهب اليوم يتداول حول مستوى 1533.40 بارتفاع مقداره 0.26% مقارنة في إغلاق نيويورك يوم أمس، و كذلك نرى سعر الفضة الآن يتداول بارتفاع مقداره 0.53% عند سعر 36.09 دولار للأونصة الواحدة. أما بالنسبة للبلاتين، فقد ارتفع قليلاً ليتداول عند مستوى 1729.00 دولار مكتسباً 0.12% مقارنة بسعر إغلاق جلسة نيويورك أمس.

بيانات مؤشر معهد التزويد الصناعي من الولايات المتحدة الأمريكية يوم أمس، أشارت إلى تعمق في التباطؤ في القطاع بأكثر مما كان متوقعاً، حيث نرى بأن المؤشر انخفض من مستوى 54.6 إلى مستوى 53.3، و هذا السبب الرئيسي الذي كان دافعاً لانخفاض سعر البلاتين. لكن ما أنقذ سعر الفضة أمس، هو السيولة التي اتجهت نحو أسواق المعادن الثمينة و التي جلبت معها المضاربة. بالنسبة للذهب، فهو الملاذ الآمن و التحوّط من التضخم، و انتشار التشاؤم في الأسواق المالية سبب ارتفاعه يوم أمس و هذا اليوم مقاوماً الارتفاع في سعر صرف الدولار الأمريكي.

بيانات الوظائف الأسترالية اليوم كانت إيجابية، حيث أشارت بيانات اليوم إلى ارتفاع عدد الموظفين بمقدار 23.4 ألف وظيفة، و هذا فوق التوقعات، كذلك ارتفع عدد الوظائف في نظام الوظائف في الدوام الكامل بمقدار 59.0 ألف، و رغم انخفاض عدد الوظائف في الدوام الجزئي بشكل كبير، إلا أن هذه البيانات اعتبرت إيجابية و اعتبرت على أنها نقلة إيجابية في الشركات. لكن، مع الضغوط السلبية على الصين و الاقتصاد الدولي عامة، فالاقتصاديات الدولية تتباطأ، و تشهد ضغوطاً سلبياً خصوصاً مع التباطؤ الذي يحصل في الولايات المتحدة الأمريكية و كذلك أزمة الديون الأوروبية، لكن يرافق هذا ارتفاع في التضخم، و كلا السببين إيجابي على سعر الذهب.

من الملاحظ بأن الارتفاع في أسعار المعادن الثمينة يوم أمس كان برغم انخفاض في مؤشرات السلع الرئيسية في العالم، حيث انخفض مؤشر S&P GSCI بمقدار 1.62 نقطة، و كذلك انخفض مؤشر RJ/CRB بمقدار 1.43 نقطة، و الثاني تؤثر فيه المعادن الثمينة بحوالي 17% من وزن المؤشر، و هذا دلالة أكيدة أن ارتفاع المعادن الثمينة، أهمها الذهب، كان بسبب البحث عن الملاذ الآمن و ربما تحوّط من التضخم.

نحن في انتظار قرار البنك المركزي الأوروبي و قرار البنك البريطاني تجاه سعر الفائدة، و التوقعات تشير إلى أن البنك الأوروبي عازم على رفع سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس للحد من التضخم فيما التوقعات تشير أيضاً إلى أن البنك البريطاني من المحتمل أن يحتفظ في سعر الفائدة عند نفس المستوى الحالي. إن ما يهم أسواق المعادن الثمينة أكثر هذا اليوم، هو تصريح السيد تريشيه بعد قرار الفائدة بخمس و أربعون دقيق، و سوف يتطلّع المتداولون على أي إشارة تجاه أزمة الديون الأوروبية، و هذا يجعلنا ننصحك عزيزي القارئ في تتبع تصريح السيد تريشيه في تمام الساعة 15:30 بتوقيت غرينتش، حيث أن هذا التقرير قد يكون له تأثير كبير على أسواق المعادن الثمينة. في المقابل، لا يجب أن ننسى بيانات الوظائف الأمريكية يوم أمس، و التي قد يبدأ تأثيرها على سعر صرف الدولار منذ اليوم، و تحرّك سعر صرف الدولار قد ينعكس على أسواق المعادن الثمينة، لكن مع موازنة تأثيرات الثقة و التشاؤم إثر أزمة الديون السيادية في أوروبا.

EcPulse