تغطية مخاطرة الأسواق، و ارتفاع الثقة، يجتمعان لدعم المعادن الثمينة

نشهد في الأسواق المالية هذه الأيام حالة غريبة، حيث نرى بأن بعض الثقة تسرّبت للأسواق المالية و اتجهت نحو أسواق الأسهم و العائد المرتفع وسط توقعات المتداولين لأن يقوم الفيدرالي الأمريكي بدعم الاقتصاد، و الاعتقاد السائد الآن بأن الفيدرالي قد يتجّه نحو تنفيذ سياسة تخفيف كمي ثالثة لمنع انزلاق الاقتصاد الأمريكي في الركود مجدداً.

كذلك، ينتظر المتداولون اليوم قرار البنك المركزي الأوروبي و البنك البريطاني، و هنالك أحاديث تجوب الأسواق عن احتمالية أن يقوم البنك البريطاني برفع المبالغ المخصصة لخطّة شراء الأصول، و كذلك تشير التوقعات بأن البنك الأوروبي قد يقوم بشيء من أجل دعم القطاعات المصرفية و الاقتصاد الأوروبي لمنع تأثرهما بشكل عميق في امتداد أزمة الديون.

شهدنا بسبب هذه التوقعات للمتداولين أسواق الأسهم تتداول في إيجابية خلال جلسة نيويورك أمس، خصوصاً بعد أن أظهرت بيانات مؤشر ADP للوظائف الأمريكية ارتفاعاً أكبر من ما كان متوقعاً إلى 91 لف وظيفة جديدة في القطاع الخاص. كذلك، أظهرت بيانات مؤشر معهد التزويد الغير الصناعي انخفاض في نمو القطاعات بشكل طفيف. أغلق مؤشر داوجونز الأمريكي جلسة أمس على ارتفاع مقداره 1.21%، فيما أغلق مؤشر نازداك التكنولوجي على ارتفاع مقداره 2.32% و كذلك ارتفع مؤشر S&P500،  كذلك، ارتفعت مؤشرات الأسهم الأوروبية أمس بشكل كبير وسط اتجاه قادة الدول الأوروبية حالياً لإنشاء خطط من اجل دعم القطاعات المصرفية في أوروبا لمنع حصول أزمات و نقص في السيولة بتأثير من أزمة الديون.

هذا اليوم، ارتفعت مؤشرات الأسهم الآسيوية أيضاً في أغلبها، حيث ارتفع مؤشر نيكاي بأكثر من 1.66% خلال جلسة طوكيو في اليابان، كذلك نرى ارتفاع مؤشر هانج سينج بأكثر من 5.10% في هذه اللحظات. فالإيجابية سادت الأسواق المالية بشكل عام بالنسبة لأسواق العائد المرتفع استغلالاً لانخفاض أسعار الأسهم الذي حصل سابقاً، و اتجه المتداولون نحو أسواق الأسهم بعد أن ساد بعض التفاؤل و ارتفعت الثقة قليلاً.

لكن، لا شك في أن المتداولين ما زالوا قلقين، فأزمة الديون السيادية الأوروبية ما زالت تثبت تعمّقها في الاقتصاد الدولي، كذلك نرى بأن التباطؤ الاقتصادي في الاقتصاديات العظمى في العالم مستمر، و هذا ما يبقي على حالة الحذر و الحاجة لتغطية المخاطر، و هنا تنشأ الطلبات في أسواق المعادن الثمينة و التي يدعمها أيضاً اتجاه المضاربون لأسواق المعادن الثمينة بترافق مع انخفاض سعر صرف الدولار الأمريكي.

ارتفع سعر الذهب خلال جلسة يوم أمس بمقدار 1.13%، و نرى بأن الذهب أغلق جلسة نيويورك عند سعر 1642.60 دولار للأونصة الواحدة، هذا بعد أن انخفض سعر الذهب ليلامس الأدنى عند سعر 1606.90 خلال جلسة نيويورك. كذلك، ارتفع سعر الفضة بمقدار 0.93% و أغلق الجلسة عند مستوى 30.51 دولار للأونصة الواحدة رغم أن السعر انخفض خلال الجلسة ليلامس مستوى 29.02. بالنسبة للبلاتين، فقد استطاع يوم أمس أن يقلّص خسائر سابقة و ارتفع بمقدار 0.54% لينهي جلسة نيويورك عند سعر 1487.00 دولار للأونصة.

استمر الاتجاه الصاعد خلال جلسة هذا اليوم في أسواق المعادن الثمينة، حيث نرى سعر الذهب اليوم يتداول حول مستويات 1649.10 دولار للأونصة بارتفاع مقداره 0.40%، كذلك استمر سعر الفضة في الارتفاع ليتداول في هذه اللحظات عند مستوى 30.80 دولار بمكاسب وصلت إلى 0.95%. البلاتين أيضاً استطاع اليوم اجتذاب المتداولين ليحقق مكاسب بلغت في هذه اللحظات 0.61% عندما تداول عند سعر 1496.00 دولار للأونصة. إن هذه الأسعار كما هي في تمام الساعة 02:37 صباحاً بتوقيت نيويورك ( 06:37 صباحاً بتوقيت غرينتش ).

كما نرى أمامنا، فالمعادن الثمينة ترتفع بترافق مع أسواق العائد المرتفع، و ذلك في ظل اتجاه المتداولين لتغطية المخاطر التي قد تترتّب على أسواق الأصول المرتفعة العائد، إذ أن الثقة في الأسواق المالية حالياً تمتزج في حالة من عدم اليقين حول مستقبل الاقتصاد الدولي و تطورات أزمة الديون الأوروبية و تبعاتها على كل من الاتحاد الأوروبي و الاقتصاد الدولي عامةً، و بشكل أكثر تحديداً، تأثير الأزمة على القطاعات المالية في أوروبا و العالم.

اليوم قد يكون التذبذب حاداً في الأسواق المالية، و هذا بالتأكيد إن حصل سوف ينعكس على أسواق المعادن الثمينة. فقرارات الفائدة من البنك المركزي الأوروبي و البنك البريطاني و اللذان يتبعهما تصريح تريشيه في المؤتمر الصحفي، و الذي سوف ينتظر فيه المتداولون أي إشارة عن وضع الاقتصاد الأوروبي و أزمة الديون السيادية و تطوراتها، و أي حلول قد يقترحها البنك المركزي الأوروبي.

ecPulse