شهادة "جيروم باول" تٌحدث انقلابا فى تسعير الفائدة الأمريكية !

جاءت شهادة رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي "جيروم باول" هذا الأسبوع أمام الكونغرس الأمريكي لتتضمن تعليقات أكثر عدوانية وتشدداً عما كان متوقعاً فى أسواق المال العالمية ،وتؤكد على أن معركة ترويض التضخم فى الولايات المتحدة لم تنتهي بعد.

أدت تلك الشهادة إلى حدوث انقلابا فى تسعير العقود الآجلة لاحتمالات رفع أسعار الفائدة الأمريكية خلال اجتماع 21-22 آذار/مارس ،وحركت بقوة التوقعات حول المستوى الذي من المتوقع أن تنتهي عنده دورة رفع أسعار الفائدة الحالية فى الولايات المتحدة.

شهادة جيروم باول النصف سنوية عن السياسة النقدية والتطورات الاقتصادية فى الولايات المتحدة استمرت على مدار يومي الثلاثاء والأربعاء ،الجزء الأول أمام اللجنة المصرفية بمجلس الشيوخ ،والجزء الثاني أمام لجنة الخدمات المالية بمجلس النواب.

نحاول من خلال هذا التقرير ،توضيح أهم التعليقات التي أفصح عنها جيروم باول أمام المشرعين الأمريكيين ،وتأثيرها المباشر على تسعير العقود الآجلة لاحتمالات رفع أسعار الفائدة الأمريكية.

الجزء الأول لشهادة جيروم باول

قال جيروم باول أمام اللجنة المصرفية بمجلس الشيوخ يوم الثلاثاء ، أن الفيدرالي الأمريكي قد يرفع أسعار الفائدة إلى مستوى أعلى مما كان يعتقد فى السابق ، وأكد على استعداد البنك المركزي لزيادة أسعار الفائدة بوتيرة أسرع إذا كانت البيانات الاقتصادية الواردة تشير إلى ضرورة اتخاذ إجراءات أكثر صرامة.

وأوضح جيروم باول ،أن تباطؤ مسار التضخم "انعكس" فى كانون الثاني/يناير الماضي ،وإنه كانت هناك إشارات قليلة على تراجع التضخم فى فئة الخدمات الأساسية ،وهذا الانعكاس يشير إلى أن الضغوط التضخمية تتحرك بمستوي أعلى مما كان متوقعاً فى وقت اجتماعنا السابق مطلع شباط/فبراير الماضي.

وأكد جيروم باول ،إن البنك المركزي الأمريكي لا يزال أمامه طريق طويل ليقطعه حتى يعود التضخم إلى المستهدف عند 2% ،ويرجح أن يكون الطريق صعباً.

أضاف جيروم باول ،إن أحدث البيانات كشفت عن أداء اقتصادي أقوي من المتوقع فى البلاد،  الأمر الذي يعني أن المستوى النهائي لأسعار الفائدة ربما يتجاوز ما كان متوقعاً فى السابق.

وأوضح باول ،نحن مستعدون لزيادة وتيرة رفع أسعار الفائدة إذا أشارت البيانات الإجمالية لأداء الاقتصاد إلى ما يبرر تسريع إجراءات التشديد النقدي فى البلاد.

وعن سوق العمل فى الولايات المتحدة ،قال جيروم باول سوق العمل لا تزال تعاني نقصاً شديداً فى الأيدي العاملة ،وأنها لم تتأثر حتى الآن بارتفاع تكاليف الاقتراض فى البلاد.

انقلابا فى تسعير الفائدة الأمريكية

عقب التعليقات أعلاه ،انقلب تسعير العقود الآجلة لاحتمالات رفع أسعار الفائدة الفيدرالية خلال اجتماع 21-22 آذار/مارس ، ارتفع تسعير احتمالات الرفع بوتيرة 50 نقطة أساس من 28% إلى 69% ، وتراجع تسعير احتمالات الرفع بوتيرة 25 نقطة أساس من 72% إلى 31%.

ويتوقع تجار العقود الآجلة للأموال الفيدرالية حاليا أن تبلغ أسعار الفائدة الأمريكية ذروتها عند 6.0% فى وقت لاحق من هذا العام ،ارتفاعا من المعدل المتوقع سابقا عند 5.5% فى تموز/يوليو القادم ، وأن تظل أسعار الفائدة مرتفعة عند الذروة على مدار باقي هذا العام.

الجزء الثاني لشهادة جيروم باول

وأمام لجنة الخدمات المالية ،قال رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي "جيروم باول" يوم الأربعاء ،لم نتخذ أي قرار يتعلق باجتماع السياسة النقدية فى آذار/ مارس الجاري.

وكرر جيروم باول رسالته التي أعلنها يوم الثلاثاء بأن الفيدرالي الأمريكي يرجح رفع أسعار الفائدة أعلى مما كان متوقعاً في السابق ،وأنه قد يتحرك بوتيرة أسرع إذا استمرت الأرقام تشير إلى قوة النشاط الاقتصادي.

وشدد باول على أن أي قراراً لم يتخذ بعد ،وهذا الأمر محل نقاش ويتوقف على البيانات التي سيتم إصدارها قبل اجتماع السياسة النقدية للبنك المركزي الأمريكي فى غضون أسبوعين.

وقال باول إنه لدينا بعض البيانات المهمة التي تصدر قريباً ،فى إشارة إلى تقرير الوظائف المقرر صدوره غداً الجمعة ،وبيانات أسعار المستهلكين المقرر صدورها يوم 14 آذار/مارس الجاري.

وأوضح جيروم باول ، إن إبطاء وتيرة رفع أسعار الفائدة هذا العام وسيلة متاحة لن يحدث حتى نرى قدراً كبيراً من نتائج الزيادة عند ظهورها بالفعل.

وقال باول أن معدل التضخم ينخفض لكنه مازال مرتفعاً للغاية ،ومن المحتمل جداً أن جزءاً من التضخم المرتفع الذي نشهده يرتبط بانخفاض شديد في معروض الأيدي العاملة في سوق العمل.

ارتفاع جديد فى تسعير الفائدة الأمريكية

عقب تعليقات جيروم باول يوم الأربعاء ،حدث ارتفاع جديد فى تسعير العقود الآجلة لاحتمالات رفع أسعار الفائدة الأمريكية فى آذار/مارس ،ارتفع تسعير الرفع بوتيرة 50 نقطة من 69% إلى 78% حاليا ، وتراجع تسعير الرفع بوتيرة 25 نقطة أساس من 31% إلى 22% فى الوقت الحالي.

رد فعل أسواق المال

سجل مؤشر الدولار الأمريكي يوم الثلاثاء أعلى مستوى فى ثلاثة أشهر عند 105.88 نقطة ،عاكسا الصعود الكبير فى مستويات العملة الأمريكية مقابل سلة من العملات العالمية.

وانخفضت على نطاق واسع أسعار المعادن والسلع المقومة بالدولار الأمريكي ، وارتفعت عوائد سندات الخزانة الأمريكية ،وتكبدت الأسهم الأمريكية فى وول ستريت خسائر فادحة.