كيف يؤثر النمو الاقتصادي البطيء فى الصين على ‏الاقتصاد العالمي؟

تعمل السلطات الصينية على تكثيف مجموعة من الإجراءات التي ‏تهدف إلى تعزيز النشاط الاقتصادي فى البلاد ،فمن المقرر ‏اجتماع المكتب السياسي للحزب الحاكم فى وقت لاحق من هذا ‏الأسبوع لمراجعة الأداء الاقتصادي فى البلاد خلال النصف الأول ‏من هذا العام.‏

قال كبير الاقتصاديين الصينيين فى تي إس لومبارد "روري ‏جرين" إن التداعيات الفورية لتباطؤ النمو الاقتصادي فى الصين ‏ستأتي على الأرجح فى السلع والدورة الصناعية.‏

وأوضح جرين إنه بالإضافة إلى الخسارة الفورية فى الطلب على ‏السلع ،فإن إعادة تقويم الصين لقطاعاتها الرئيسية سيكون له ‏أيضاً تأثيرات من الدرجة الثانية على الاقتصاد العالمي.‏

الاقتصاد الصيني قد يواجه فترة طويلة من النمو المنخفض ،و ‏هو احتمال قد يكون له تداعيات عالمية بعد 45 عاما من التوسع ‏السريع والعولمة.‏

الحكومة الصينية

تكثف الحكومة الصينية مجموعة من الإجراءات التي تهدف إلى ‏تعزيز النشاط الاقتصادي فى البلاد ،حيث تعهد القادة أمس ‏الاثنين بتعديل وتحسين السياسات فى الوقت المناسب لقطاع ‏العقارات المحاصر.‏

بالإضافة إلى دفع التوظيف المستقر نحو هدف استراتيجي للبلاد، ‏كما أعلن المكتب السياسي عن تعهدات بتعزيز الطلب على ‏الاستهلاك المحلي وحل مخاطر الديون المحلية.‏

النمو الاقتصادي

بعد خروج ثاني أكبر اقتصاد فى العالم من إجراءات الإغلاق ‏الصارمة لـ كوفيد-19 ،نما الناتج المحلي الإجمالي فى الصين ‏بنسبة 6.3% سنوياً خلال الربع الثاني من هذا العام ،أقل من ‏توقعات السوق توسع بنسبة 7.3%.‏

حدد الحزب الشيوعي الصيني الحاكم هدف نمو بنسبة 5٪ لعام ‏‏2023 ، وهو أقل من المعتاد ومتواضع بشكل ملحوظ لدولة بلغ ‏متوسط نمو الناتج المحلي الإجمالي السنوي فيها 9٪ منذ فتح ‏اقتصادها في عام 1978.‏

صدمة ثلاثية

قال كبير الاقتصاديين الصينيين فى تي إس لومبارد "روري ‏جرين" لا يزال الاقتصاد الصيني يعاني من "الصدمة الثلاثية" لـ ‏كوفيد-19 وتدابير الإغلاق المطول ، وقطاع العقارات المتعثر ‏،ومجموعة كبيرة من التحولات التنظيمية المرتبطة برؤية الرئيس ‏شي جين بينغ لـ "الرخاء المشترك".‏

قال جرين ،نظرًا لأن الصين لا تزال في غضون عام من إعادة ‏الافتتاح بعد تدابير سياسة صفر-كوفيد ، فلا يزال من الممكن أن ‏يُعزى الكثير من الضعف الحالي إلى تلك الدورة ،وقد يصبح ‏الضعف راسخا فى حال عدم الاستجابة للإجراءات التحفيزية.‏

وأوضح جرين ،هناك فرصة أنه إذا لم تتدخل بكين ، فإن الجزء ‏الدوري من أضرار دورة كوفيد يمكن أن يتماشى مع بعض الرياح ‏المعاكسة الهيكلية التي تعاني منها الصين ، خاصة فيما يتعلق ‏بحجم قطاع العقارات ، والانفصال عن الاقتصاد العالمي ، ‏والتركيبة السكانية ،ودفع الصين إلى معدل نمو أبطأ بكثير.‏

وأشار جرين أن الاقتصاد الصيني يدخل في تباطؤ هيكلي طويل ‏الأجل ، وإن لم يكن سيناريو "التضخم المصحوب بالركود" على ‏غرار اليابان ، ومن المرجح أن يقترب متوسط نمو الناتج المحلي ‏الإجمالي السنوي بنسبة 4٪ بسبب هذه الرياح المعاكسة ‏الهيكلية.‏

التأثير على الاقتصاد العالمي

بالنسبة للاقتصاد العالمي ، من المرجح أن يأتي التداعيات ‏الفورية للتباطؤ الصيني في السلع والدورة الصناعية ، حيث تعيد ‏الصين تشكيل اقتصادها لتقليل اعتمادها على قطاع العقارات ‏الذي كان "يمتص ويدفع أسعار السلع الأساسية".‏

أوضح الاقتصادي جرين إنه قد مضت تلك الأيام ،وإن الصين لا ‏تزال تستثمر الكثير ، لكنها ستكون نوعًا من التصنيع الأكثر تقدمًا ، ‏والأجهزة التقنية ، مثل السيارات الكهربائية ، والألواح الشمسية ،و ‏الروبوتات ، وأشباه الموصلات ، وهذه الأنواع من المجالات.‏

إن إعادة تقويم الاقتصاد بعيدًا عن العقارات ونحو التصنيع الأكثر ‏تقدمًا واضح في اندفاع الصين الهائل نحو السيارات الكهربائية ، ‏مما أدى إلى تجاوز البلاد لليابان في وقت سابق من هذا العام ‏كأكبر مصدر للسيارات في العالم.‏

قال روري جرين ،هذا التحول من الاقتصاد التكميلي ، حيث ‏تستفيد بكين وبرلين من بعضهما البعض ، إلى كونهما الآن ‏متنافسين ، هو نتيجة كبيرة أخرى للتباطؤ الهيكلي.‏

وأشار إلى أنه بالإضافة إلى الخسارة الفورية في الطلب على ‏السلع ، فإن رد فعل الصين على رمالها الاقتصادية المتغيرة ‏سيكون له أيضًا "تأثيرات من الدرجة الثانية" على الاقتصاد ‏العالمي.‏

لا تزال الصين تصنع الكثير من الأشياء ، ولا يمكنهم استهلاكها ‏كلها في البلاد ، قال جرين إن الكثير من الأشياء التي يصنعونها ‏الآن ذات جودة أعلى بكثير وسيستمر ذلك ، خاصة وأن هناك ‏أموالًا أقل تذهب إلى العقارات ، وتذهب التريليونات إلى ‏قطاعات التكنولوجيا المتقدمة.‏

وبالتالي فإن تأثير الطلب الثاني ، ليس فقط انخفاض الطلب ‏على خام الحديد ، بل إنه أيضًا منافسة عالمية أعلى بكثير عبر ‏مجموعة من السلع المصنعة المتقدمة.‏